صدمة احتلال الوطن
لعلي، وأنا أخطو إلى العقد السبعين من عمري، أو أخطو فيه بالفعل وأنا واثق الخُطًى، تزاحمني ذكريات الماضي وتختلط في مزيج غريب وجميل مع الحاضر وصورته في المستقبل، إلى حد أني أجد نفسي هو هذا الكل بتكامله وتفاعله، وبوحدته وتماسكه.
إن "الكل أكبر من مجموع الأجزاء" – هكذا يذهب علماء النفس في تفسير حقيقة إدراكنا ومعرفتنا ووعينا للأشياء والموضوعات والأحداث؛ هو "كل" الزمان والمكان والإنسان؛ وهو كل في الإنسان الذي جعله الله مستخلفاً له في عمارة هذا الكون زماناً ومكاناً. ومن ثم فإن اجتزاء هذا الكل دونما اعتبار للنسق الكلي، هو اجتراء على الواقع وافتراء على الحقائق. فالماضي في حياتي حاضر في الحاضر، ووجودي ماض بالزمن في دينامية وحيوية، حركته ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، في وصل لا فصل، لا هروب من ماض أو هروب إلى ماض؛ بل الماضي رصيدنا ومصادرنا إلى حاضرنا في صيرورة نمو وإنماء، وولوج إلى فجر المستقبل وبشائره.